بيّنت دراسة حديثة إلى أنّ متلقيّ زراعة القلب قد لا يكونون فريدين في ما يتعلق بتجربة تغيرات الشخصية، ويمكن أن تحدث هذه التغييرات بعد زرع أي عضو، وبغض النظر عن العضو الذي خضعوا لزراعته، حيث أبلغ العديد من المرضى عن حدوث تغيرات في الشخصية بعد الجراحة، وشملت هذه التغييرات تفضيلات الطعام، والعلاقة الحميمة، وحتى الأنشطة المهنية. كما يعاني متلقو عمليات زرع الأعضاء الآخرون من الشعور بالذنب ونوبات الاكتئاب وغيرها من المشكلات النفسية التي قد يُنظر إليها أيضاً على أنّها تغيرات في الشخصية ومع ذلك، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنّ هذه التغيرات في الشخصية ليست كلها نفسية وقد تلعب البيولوجيا دوراً أيضاً. وتؤدّي خلايا العضو المزروع وظيفتها المتوقعة، حيث تنبض خلايا القلب، وتقوم خلايا الكلى بعملية الترشيح، وتؤدي خلايا الكبد عملية الاستقلاب، ولكنها تلعب أيضاً دوراً في مكان آخر من الجسم، حيث تطلق العديد من الأعضاء وخلاياها هرمونات أو جزيئات إشارة لها تأثير موضعي وفي أماكن أخرى من الجسم. ويبدو أنّ القلب يرتبط بشكل شائع بتغيرات الشخصية، وتفرز حجرات القلب هرمونات الببتيد، بما في ذلك "الببتيد الأذيني الناتريوتريك" و"الببتيد الناتريوتريك الدماغي"، والتي تساعد على تنظيم توازن السوائل في الجسم عن طريق التأثير على الكلى، كما أنّها تلعب دوراً في توازن الإلكتروليت وتثبيط نشاط جزء نظامنا العصبي المسؤول عن استجابة الكر أو الفر (استجابة عامة للجسم في الطوارىء)، والخلايا المسؤولة عن ذلك موجودة في منطقة ما تحت المهاد، وهو جزء من الدماغ يلعب دوراً في كل شيء بدءاً من التوازن (توازن النظم البيولوجية) وحتى الحالة المزاجية، لذا فإنّ العضو المتبرع الذي قد يكون لديه مستوى أساسي مختلف من الهرمونات وإنتاج الببتيد عن العضو الأصلي، يمكن أن يغيّر مزاج المتلقي وشخصيته من خلال المواد التي يطلقها. وقد ثبت أنّ مستويات الببتيد الناتريوتريك تكون أعلى بعد عملية الزرع، ولا تعود أبداً إلى وضعها الطبيعي، وعلى الرغم من أنّ بعض الارتفاع ربما يكون استجابة لصدمة الجراحة، إلاّ أنّه قد لا يكون مسؤولاً عن كل شيء. وأثناء جراحة زرع الأعضاء، يتم قطع العديد من الأعصاب التي تحكم وظيفة العضو ولا يمكن إعادة ربطها، وهذا لا يعني أنّ الأعصاب الموجودة داخل العضو تظل لا تعمل. وفي الواقع، هناك أدلة على إمكانية استعادتها جزئياً بعد عام من الجراحة. وهذه الإجراءات والتفاعلات الكيميائية العصبية يمكن أن تغذّي الجهاز العصبي للمتلقي، ما يؤدي إلى تفعيل استجابة فسيولوجية تؤثّر بعد ذلك على شخصية المتلقي وفقاً لذكريات المتبرع. وأياً كانت الآلية، أو مجموعة الآليات، المسؤولة عن التغييرات في السمات الشخصية أو وظائف الأعضاء، فإنّ هذا المجال يتطلب مزيداً من البحث حتى يتمكن المتلقون من فهم التغيرات الجسدية والنفسية التي يمكن أن تحدث لهم بعد الجراحة.